ساندي
عضو مميز
عدد المساهمات : 1231
تاريخ التسجيل : 03/06/2013
 | | موضوع: مميز - فرصة سفر للمريخ دون رجعة الأحد أغسطس 18, 2013 4:54 am | |
|
عبدالله بن بخيت
الذي نعرفه أن الإنسان إذا خرج في رحلة من عالمنا بدون رجعة يعني أنه خرج إلى الموت. الأمر اختلف اليوم. تستطيع أن تسجل في هذه الرحلة التي ستأخذك للعيش بقية حياتك على سطح كوكب المريخ. ستنطلق الرحلة الأولى عام 2023 م. تأتي هذه الرحلة في اطار برنامج تلفزيوني على طريقة الخروج بالتصويت كما هي الحال في برنامج ستار اكاديمي مثلا. النقطة الأساسية في الموضوع أن الفائزين سيستقلون مركبة فضائية تأخذهم إلى كوكب المريخ القابع في الفضاء السحيق دون أي أمل بالعودة.
استلقيت على ظهري وأخذت أتأمل فرصة انضمامي لهذه المجموعة. هل قرار الانضمام إلى هذه المجموعة حماقة أم شجاعة. إذا نظرت إليه من الزاوية التاريخية سترى أنها شجاعة وباب أكيد للخلود. وإذا نظرت إليه من زاوية شخصية صرفة سترى أنك سترتكب حماقة لا تغتفر:
كيف سيتناول خيالك تفاصيل الرحلة. ماهي السعادة التي سوف تجنيها من مغامرة لن تتاح لك فرصة قصها على الآخرين أو ان تعرف ماذا قالوا عنها. يمكن أن تأخذ انطباعا بأن تخرج إلى البر بعيداً عن تأثير أضواء المدينة وتستلقي على ظهرك على كثيب رمل وتسرح بعينيك في السموات والنجوم المحتشدة في هذا الفضاء المظلم السحيق، ثم تتذكر ان هذه الرحلة ستضعك في واحدة منها مع شرط البقاء الأبدي. لا أعتقد أن الخوف سوف يأخذ بمعاقد قلبك بل الرهبة والجلال. لأنك في هذه اللحظة لن تكون تحت سيطرة المخاوف المعتادة بل ستكون أسير الكون كله. في لحظات خاطفة سوف يتساوى عندك الموت مع الحياة.
في ظني سينفرد كل إنسان بتصوراته. فروقات الإيمان مهما دقت سوف تلعب دوراً مهماً في بناء الصورة التي يمكن أن تكون عليها عندما تضع قدمك على سطح المريخ دون أمل في العودة. في هذا الوقت ستكون عند أقرب نقطة من الموت دون أن تقع بكامل ثقلك ووجودك. لكن إذا نظرنا للأمر من زاوية الأطماع البشرية في الخلود بالمفهوم التاريخي يمكن تشبيه أقدامك على هذه الرحلة بمغامرة من مغامرات البحارة الذين اكتشفوا العالم وخلدهم التاريخ. هؤلاء الرجال خرجوا من ديارهم مسلمين أمرهم للمصير المجهول. كان يعرفون أن فرص عودتهم مرة أخرى في أدنى مستوياتها. عليك أن تتخيل أن عبور الأطلسي في الماضي أشبه بعبور المجرات اليوم. إذا بسطنا الأمر وحسبناها بحسابات سهلة سنرى أن المغامرة تستحق التضحية. بعد مئة سنة من ساعتنا هذه لن يبقى على وجه الأرض من أحياء اليوم كائن واحد(سلحفاة او اثنتان لن تخلا بهذه الحقيقة!). أنا وأنت سنكون من هؤلاء الفانين. منا من سيختفي إلى الأبد ومنا من سيحفظه التاريخ وتلوك البشرية اسمه وإنجازاته. التضحية بعدد من السنوات هو الفارق بين الأبطال والخاملين. لو راجعت حياتك الماضية ستكتشف أن ثمة سنوات من عمرك ذهبت سدى. لم تنجز فيها ما يستحق تكاليف استهلاكها. حياة الإنسان مليئة بالسنوات المهدرة. هؤلاء الذين سيدخلون هذه المسابقة وسيغادروننا إلى الأبد على وعي بهذه الحقيقة. لن يقدم إنسان نفعي يعيش الحياة يوماً بيوم على مثل هذه المغامرة. من يتخذ قراراً مثل هذا يمتلك قدراً كبيراً من الإحساس الفلسفي بالحياة.
هل تشعر أنك تملك القدرة على اتخاذ مثل هذا القرار؟ | |
|
